-A +A
عبدالعزيز محمد النهاري
رحل الملك الإنسان المقدام المخلص الوفي المصلح عبد الله بن عبد العزيز عن هذه الدنيا الفانية، وترك خلفه تاريخا طويلا حافلا بأعمال ستخلده عبر الزمن، وكلها شواهد على حقبة من تاريخ بلادنا، عامرة بالتحولات الكبيرة في شتى مجالات حياتنا كوطن وكمواطنين، تحولات كان، رحمه الله، يسبق بها زمانه وفكر كل من كانوا يعملون معه، تطلع فيها إلى المستقبل ونظر إليه نظرة تجمع بين الممكن والمتاح، فمضى متسلحا بحبه لشعبه، وبقوة إيمانه وصبره ليحقق في فترة حكمه مالم يكن ليتحقق على أرض الواقع طوال تاريخ بلادنا.
كان عبد الله بن عبد العزيز قريبا من هموم شعبه التي كان يحملها طوال حياته، ويحس بها ويلمسها ويبثها توجيها وأمرا ومبادرة في كل مناسبة، ومع كل حدث، ومن خلال تحركاته وزياراته ولقاءاته بالمواطنين والمسؤولين على تنوع مسؤولياتهم ، زار الفقراء في مساكنهم، وشارك المواطنين أفراحهم وأحزانهم وتفقد أحوالهم ودمعت عيناه من أجلهم. كسر، رحمه الله، كل الحواجز وتغلب بصبره على كل المعوقات، من أجل الإصلاح وتعديل مسار الأنظمة والخطط والقوانين التي تستهدف كل ماله علاقة من قريب أو بعيد بأمور المواطنين ومصالحهم، ولنا في مشروع الملك عبد الله لإصلاح القضاء وماتبعه من تغييرات في المناصب والمسؤوليات خير دليل على تطلعه وإقدامه، رحمه الله، لتحقيق ما يحفظ ويكفل مصالح كل من يعيش على تراب هذا الوطن. هذا غير تأصيله للحوار الوطني. وإنشاء جمعية وهيئة حقوق الإنسان والهيئة الوطنية لمكافحة الفساد.

كان، رحمه الله، صاحب مبادرات غير مسبوقة، كثيرة ومتنوعة الغايات والأهداف، وكلها تحقق نظرته لمستقبل بلادنا واستقرارها وأمنها، ومنها على سبيل المثال لا الحصر هذه الجامعات التي قفزت من سبع إلى قرابة الثلاثين جامعة، ومئات الآلاف من المبتعثين والمبتعثات إلى كل دول العالم، ومشروعي الملك عبدالله لتطوير التعليم العام والتعليم العالي، ودخول المرأة السعودية إلى مجلس الشورى والمجالس البلدية، وغيرها من المبادرات التي لا يتسع المجال هنا لذكرها، لكنها باقية كشواهد لما قام به عبدالله بن عبدالعزيز من عمل سيظل باقيا إن شاء الله.
أما عبدالله بن عبدالعزيز الزعيم العربي المسلم الذي حمل هم أمته فيكفي ما قاله عنه زعماء العالم، وتكفي مواقفه دليلا على قوته في الدفاع عن الحق، وتمسكه بقيم العربي المسلم في التعامل مع كل أحداث العالم وما مر به من أزمات وتقلبات، كان فيها الصوت الصادح بالحق والسلام وتغليب العقل على العاطفة، والحوار بديلا عن الصراع..
رحم الله عبدالله بن عبدالعزيز الملك الإنسان الذي بكاه الصغار قبل الكبار، وجزاه الله خير الجزاء على ما قدم لشعبه ووطنه وأمته.